الجمعة، 20 نوفمبر 2015

والت ديزني

بقلك: صاحب مدونة (عرب اسبريسو)
قيل

والت ديزني

 
إنه الأشهر بلا منازع ، صاحب الرقم القياسي في الحصول جوائز الأكاديمية ( 59 جائزة أوسكار ) ، ربما لن تتأثر كثيراً لو قلت لك بأن له نجمةً مسماة بإسمه في شارع النجوم the walk of fame في هوليوود ، ولكن إن عرفت بأن  ميكي ماوس حصل أيضاً على نجمة هو الآخر .. فهذه معلومةُ مثيرة للاهتمام حتماً !
نحن نتحدث عن والت ديزني لو كنت لم تنتبه بعد ..
قليلون هم الأناس الذين ينالون سمعةً جيدة بهذا الحجم في عالمنا هذا ، تحدث عن المفكرين ، القادة السياسيين ، الحكماء ، الثوار .. من تشاء .. ستجد لكل أعداءً و مهاجمين من كل حدب و صوب ، لكن أن يستطيع رجلُ ما نيل كل هذه المحبة في قلوب الناس على مدى سنوات .. فهو شيء يحسد عليه والت ديزني بصراحة..
أنت  بحاجة لقلب حجري كقلب عم دهب حتى لا تحب هذا الرجل ، من منا يستطيع كره ميكي ماوس و صديقته الظريفة ميكي .. سوى شخص حانق و عصبي مثل بطوط donald duck ؟ أو شخص مغفل تماماً و على نياته مثل بندق Goofy ، و هو  برواقه الدائم يجعلك تتذكر بيت المتنبي الشهير عن أخي الجهالة الذي ينعم في الشقاوة .. إنه شخص محظوظ .. محظوظ جداً .. مثل محظوظ Gladstone مثلاً !!
هذا أمر جيد .. ما زال هنالك شيء جيد في هذا العالم يستحق أن نروي قصصاً عنه ..
والت ديزني كان بالنسبة إلي في الصغر شيئاً أشبه بالرمز .. شيئاً تشمه و تتذوقه و تلمسه دون رؤياه ..و كان أحد أحلامي أن أتمكن يوماً من العمل ضمن ديزني ( على الأقل اعتباراً من مشاهدتي لفيلم الملك الأسد lion king ) و لذلك استغربت فعلاً عندما وجد كماً كبيراً من الأفلام التسجيلية له على يوتيوب .. و بعد ذلك بدا لي ذلك في غاية المنطقية و أن من السخف بعينه توقع العكس .. ماذا تنتظر من شخصٍ قضى حياته في صنع أفلام الكارتون المتحركة سوى أن تجده حول الكاميرا طوال الوقت ، و قد سحرتني ابتسامة هذا الرجل العذبة و ضحكته المشرقة ، حمداً لله أن صورته لا تختلف عن جمال أفلامه ، و ليس ذو منظر غريب بيقطع الرزق مثل فرانكان Franquin كاتب القصص المصورة الفرنسي الشهير على سبيل المثال !
عندما كنت صغيراً لم أكن أدري أصلاً بأن هذا اسم لشخص !  من هذا الذي بحق السماء يحمل اسم عائلة مثل ديزني ! كلمة لذيذة مصنوعة من الحلوى و مغطسة بالسكر !
قد يكون من المضحك بأن أقول بأن أكثر شيء يعبر عن شخصية هذا الرجل بالنسبة لي هو توقيعه الخاص ! سحرني هذا التوقيع منذ الصغر .. تلك الحروف الضاحكة الملتوية التي تقفز فرحاً و تتطاير شقاوة ، تنزلق مسرعةً هاربة و هي تطلق الكثير من الصياح و الضحك و الغوغاء .. لا عجب أن يصدر خط truetype خاص يسمى بخط ديزني!

الطفولة الأولى و المراهقة

ولد والت ديزني في 5 ديسمبر للعام 1901 في مدينة شيكاغو بالولايات المتحدة الأمريكية لوالدين من أصل إيرلندي هما  إلياس و فلورا كول ديزني  ، انتقل مع عائلته المؤلفة من أبويه و أشقائه الثلاثة و شقيقته، لتنتقل بعدها للعيش في مدينة كنساس

هنالك و في جو قروي الطابع  بدأت موهبته و ميوله الفنية تظهر ، و كان يرسم الكثير من الحيوانات التي يشاهدها حوله ، كما ولع كثيراً بالقطارات  مثله مثل كافة أطفال القرى في تلك الحقبة من القرن العشرين حيث يمثل القطار الحداثة و الإثارة و الرحلة نحو المجهول ، يقول بأنه كان يضع أذنه على السكة محاولا سماع ضجة القطار لتقدير زمن وصوله كل يوم ! كان هذا العالم البسيط من اللهو البريء مع الأخوة و الحيوانات الداجنة و الأحصنة و القطارات هو الطفولة الجميلة التي ستنفجر قصصاً مصورة في مستقبل والت ديزني لاحقاً..
في عام 1911 ، انتقلت العائلة إلى كنساس بعدما اضطر والده إلياس  إلى بيع المزرعة عام 1909 ، بسبب مرضه و عدم تمكنه من القيام بأشغالها الشاقة ، فانتقلت الأسرة للعيش في منزل بالإيجار و لم تكن ظروف العائلة المادية مواتيةً ، و هكذا أجبر والت و أخوه  على العمل ببيع الجرائد  .. و هي مهنة شاقة تتطلب العمل في فترات باردة صباحية .. ليس هذا سهلا على طفل في العاشرة من العمر ..
دخل والت إلى المرحلة الإعدادية عام 1911 ، و هناك تعرف والت في المدرسة على والتر بفيفير و الذي عرفه على عالم التحريك و الكارتون ، و في تلك الفترة كان يقضي الكثير من الوقت مع صديقه هذا و في أوقات الفراغ يذهبون لمدينة ملاه كهربائية بالقرب من منزلهم ، و قد أوضح والت بعدها بأن تصميم تلك المدينة كان له تأثير كبير على تخيله لديزني لاند فيما بعد ..
في عام 1917 ، عادت العائلة مرة أخرى إلى شيكاغو ، كان والت يقوم و هو في المدرسة برسم العديد من القصص المصورة في مجلة The Voicesفي مدرسة ماكنيلي الثانوية ( بشكل مشابه لطفولة هيرجيه )و بدأ والت و هو ما زال في الثانوية أيضاً بمتابعة دروس مسائية في معهد شيكاغو للفنون ، كانت رسومه في تلك الفترة ذات طابع وطني متأثراً بالجو السياسي العام ، حتى أنه طلب التطوع كجندي في الحرب العالمية الأولى و تم رفض طلبه لأن عمره دون ال 17 عاماً ، إلا أنه قام بتزوير وثيقة ميلاده ليتمكن من الذهاب إلى الحرب ضمن فرق الصليب الأحمر الأمريكي، لكنه لم يصل هناك إلا بعد انتهاء القتال ، و عمل سائقاً لعربة إسعاف مدة عام تقريباً في فرنسا ، تشاهدونه في الصورة إلى جانب العربة التي كان يقودها ، و الطريف في الموضوع هو رأس الطفل المشاغب المرسوم على العربة كدليل على استمراره في الرسم تحت كل الظروف !
بداية الرحلة ( المرحلة الصعبة ! )
في عام 1919 بدأ مشواره المهني في مدينة كنساس حيث يعمل أخوه الأكبر Roy كموظف في مصرف ، و كانت فكرته عن المستقبل غير واضحة تماماً ، كل ما يعرفه أنه يرغب بالعمل في المجال الفني .. بداية قام برسم الكاريكاتير السياسي ، و لم يجد أحداً متحمساً لتوظيفه لا كرسام كاريكاتير أو صحفي و لا حتى كسائق عربة إسعاف ! نهاية تمكن أخوه من ايجاد عمل مؤقت  له في مجال تصميم الإعلانات التجارية لدى Pesmen-Rubin Art Studio مقابل خمسين دولاراً شهرياً ، و أيضا ككان يقوم بتصميم غلاف البرنامج الأسبوعي لمسرح محلي اسمه مسرح نيومان ، خلال عمله الأول هذا ، التقى والت ديزني بشاب في مثل عمره ، يحمل نفس اهتماماته ، اسمه Ubbe Ert Iwerks -غيره فيما بعد ليصبح : Ub Iwerks – و قام الشابان عام 1920 بإنشاء مؤسسة تحمل اسم : «Iwerks-Disney Commercial Artists »و تعمل في مجال الدعاية و الإعلان في كاراج المتواضع خلف بيت ديزني في كانساس ، الكثير من الأمريكان العصاميين بدأوا من كارجات منازلهم على ما يبدو كستيف جوبز مثلا مؤسس شركة Apple ، يبدو أني سأضع غياب الكراجات في العالم العربي على قائمة أسباب تخلفنا المزمن ! ( العبرة طبعاً في ايجاد – حقل تجارب – للأولاد مسموح لهم فيه تمرير طاقاتهم الابداعية دون تدخل الوالدين بعبارات من نمط : قوم ادرس ، ما توسخ ، ما تعلي الصوت .. إلخ إلخ إلخ !! )

لم تستمر هذه الشركة طويلاً إذ انضم كلاهما إلى شركة إعلانات للأفلام تدعى Kansas City Film Ad Company ، تعلم هناك كيفية صناعة إعلانات متحركة تعتمد على طريقة تسمى بطريقة القصاصات cutout animation ، و الفكرة بسيطة : قم بتجميع قصاصات على شكل أيادٍ و أرجل تمثل شخصاً ما بواسطة دبابيس ، و من أجل كل لقطة فعليك تحريك القصاصات لجعل الصورة تبدو تتحرك .. كان هذا بداية اهتمام ديزني بمجال التحريك ، و أخذ يثقف نفسه حول الموضوع و قام بشراء كتاب ل Edwin G. Lutz يتحدث عن أصول التحريك و بداياته : Animated Cartoons: How They Are Made, Their Origin and Development.
و بعد هذا الكتاب أخذ يؤمن بأن المستقبل ليس لطريقة القصاصات هذه بل للتحريك المعتمد على رسم خلايا متعددة أو اسكتشات متتالية ، و عندها قرر بأنه سيتبع هذا الأسلوب بدلا عن القصاصات ..
قام حينها بترك مؤسسته و افتتح استوديو خاصاً به يعمل فيه لديه موظف واحد هو Fred Harman  نجح وقتها بالتفاوض مع مالك مسرح شهير في كنساس هو  Frank L.newman ليقوم بعرض انتاجه من الأنيميشن ضمن صالة العرض الخاصة به على النطاق المحلي وبثمن 100 إلى 150 دولاراً عن الفيلم الواحد.وقد سمى تلك الرسوم المتحركة وقتها  بـ Newman  Laugh – O – grams و لم تكن مدة الفيلم تتجاوز أكثر من دقيقة واحدة  !

و ظل مبنى هذا الاستوديو موجوداً حتى يومنا هذا ووجدت له صورةً حديثة بعد ترميمه في العام 2010 أتشاركها معكم هاهنا
4365134585_215bfd8d0b_z


استوديو الرسومات الضاحكة Laugh-O-Gram Studio

لعلكم لاحظتم في الفقرة الماضية اشتراط صاحب المسرح اضافة اسمه الشخصي للرسوم المتحركة التي يرسمها والت ديزني .. هذه معادلة قوة أبدية في هذا العالم ، ما دمت تملك النقود فأنت ستبتلع كل شيء و كل أحد .. على أي حال فقد أخذت هذه الأفلام تصبح ذا شعبية جارفة في كنساس ، مما مكن ديزني من الاستقلال بالاسم و العمل أخيراً و حذف اسم نيومان ! قام وقتها بتوظيف 3 موظفين إضافيين منهم صديقه القديم أيوركس ، وهنا نتعلم الدرس الأول .. مع كل أولئك الموظفين عالي الرواتب لن تستطيع شركة ناشئة الوقوف على قدميها في سوق محلية .. الأمر الذي دفع بهم للإفلاس أخيراً .. هذا درس هام علينا تعلمه في البدايات .. وحينها ، قرر والت بأنه سيذهب مركز صناعة الأفلام في أمريكا في ولاية كاليفورنيا .. نتحدث عن هوليوود تحديداً !
الرحلة إلى Hollywood

عندما ارتحل والت لهوليوود لم يذهب وحيداً ، بل ذهب سوياً مع شقيقه و مدخراتهما المالية يحذوهما الأمل في إيجاد موزع لفيلم كانا قد عمللا عليه في كنساس الكارتون كان عبارة عن فيلم كارتون مدمج مع ممثلين حقيقين يتحدث عن مغامرات أليس في بلاد العجائب ، حاملا وعدا لفريقه في كنساس لمساعدتهم للالتحاق به في كاليفورنيا.
لحسن الحظ التقى بمارغريت فينكلر مسؤولة شركة توزيع في نيويورك و التي أعجبت بالفيلم غير المنتهي حينها و عقدت معه صفقة لتوزيع انتاجات مماثلة.
تم تسمية السلسلة حينها بطرائف أليس Alice Comedies، و التي كانت البداية لتأسيس استوديو الأخوين ديزني Disney Brother’s studio      في هوليوود. في الحقيقة فإن استوديو ديزني كان يمتاز بوجود الأخ روي ذي الخبرة المالية و الإدارية من عمله سابقاً كمصرفي و من خبرة والت الفنية الذي أدرك أنه لا يستطيع وحده إدارة شركة مالية بعد حادثة إفلاسه السابقة ..
و في تلك الفترة عام 1925 قام والت بتوظيف فنانة تدعى ليليان باوندز Lillian Bounds  لتساعده في عمليات التحبير و الرسم ، و تصبح فيما بعد زوجته عام ، يبدو الأمر مضحكا و لا يخلو من الطرافة .. جميع أولئك الرجال الجديين المركزين على العمل لا يتزوجون في النهاية سوى من مساعداتهن و موظفاتهن ، يبدو انهم لا يجدون وقتاً بالمرة للخروج و اللهو و التحرش بالفتيات رغم تواجد والت في مدينة مثل هوليوود تعج بالباحثات عن الشهرة ! ولنا في بيل غيتس مثال آخر على ذلك .. إذا لم نرغب بذكر اسم أدولف هتلر و عشيقته السكرتيرة هيلجا في موضوع يتحدث عن والت ديزني !
حققت طرائف أليس نجاحاً معقولاً للاستوديو الناشىء ، لكن التوجه بعد ذلك عاد لينحو نحو الكارتون الكامل دون استخدام الممثلين ، و انتهت السلسلة عام 1927 ، ليركز والت على شخصيات متحركة مثل قط يدعى julius  يشبه كثيراً القطة الشهيرة فيلكس Felix the cat
الأرنب المحظوظ  أوسفيلد   Oswald the Lucky Rabbit

في نفس العام 1927 ، تزوجت السيدة مارجريت فينكلر موزعة أفلام ديزني من السيد شارل مينتز Charles Mintz الذي اصبح هو المسير الفعلي لأعمالها ، و حينها طلب من ديزني عمل كارتون يتم انتاجه و توزيعه مع شركة Universal Pictures الشهيرة ، حينها ، ظهرت للوجود شخصية أوسفيلد الأرنب حاملةً توقيع صديق ديزني العزيز Iwerks ،رغم أن هذه المعلومة مثار الكثير من التساؤلات ..  و لكنه يدلنا على أن بدايات ميكي ماوس لم تكن أصيلة مئة في المئة من قبل والت نفسه على الأقل ، و لايقلل هذا شيئاً من عظمته طبعا ، لكن التشابه بين الشخصيتين لا يمكن التغاضي عنه بالفعل ،  شهدت السلسلة نجاحاً منقطع النظير و تمكن استوديو ديزني من التوسع مجدداً ليضم العدد من الموظفين القدامى مثل موظف والت الأول فريد هارمان ، و في عام 1928 ، ذهب والت إلى نيويورك ليفاوض شارل مينتز لزيادة تسعيرة كارتون أوسفيلد ، و هنا جاءت الصدمة .. لم يرفض مينتز فقط عرض ديزني ، بل تبين بأنه كان مسبقاً على اتصال مع العديد من موظفيه في الاستوديو و على رأسهم فريد هارمان نفسه ليقوم بإطاحة ديزني من الإدراة .. كان التهديد قاسياً : إما أن عليه الامتثال للأوامر و تخفيض الأسعار للفيلم من 2500 دولار إلى 1800 أو التهديد بمغادرة طاقم الفنانين العاملين معه ..  وقد غادره الجميع للأسف باستثناء Iwerks صديقه الحميم الذي ظل وفيا لديزني ، و حصلت universal pictures على كافة حقوق استخدام أوسفيلد و استمروا بصناعة الأفلام من دون مساعدته.. في الواقع فقد عرض عليه أيضاً خيار التنازل عن ملكية استديو ديزني مقابل الحفاظ على 50 بالمئة من حقوق أوسفيلد .. لكن والت قرر أن خسارة شخصية كارتون واحدة أفضل من خسارة مقر العمل الأساسي ..  وكم كان حكمه صائباً وقتها !!
كانت هذه صدمة قاسيةً في حياته و حياة أي شخص منا ، و قد تكون مدمرة بصراحة .. أن تجد عملك الأول الناجح يسرق من بين أيديك ، و بفعل التواطؤ و الخيانة من قبل موظفيك .. هنالك الكثير الكثير من العبر التي يمكن استخلاصها من قصص كهذه .. في حال كان الانسان مصراً على المضي قدماً و عدم الاستسلام.
ومن عدالة التاريخ أن شركة ديزني استطاعت أخيراً و في العام 2006 و بعد وفاة والت ديزني بكثير استعادة حقوق أوسفيلد من شركة يونيفرسال ، في الحقيقة فإن أوسفيلد هو عمل طواه النسيان مع الزمن ، و ربما لو كان والت لا يزال يعمل عليه لكان هو بطل ديزني بدلاً عن ميكي ماوس ..
ميكي ماوس Mickey Mouse
image
هنالك في الحقيقة روايتان تتحدثان عن منشأ ميكي ماوس .. الأولى تقول بأن فإن والت ديزني قام برسم ميكي ماوس للمرة الأولى على متن القطار العائد إلى هوليوود بعد  نيويورك المشؤومة تلك ، كان يريد تسميته مورتيمر قبل أن تقترح عليه زوجته تسميته باسم أقل جدية هو ميكي ، أعتقد أن هذه الرواية إن صحت فإنها تحمل كثيراً من الشجاعة  إذ أن ديزني يعترف ضمنياً بأن ميكي هو عبارة عن استنساخ لأوسفيلد مع تغيير الإسم و تحويله من أرنب لفأر فقط ! و لم يكن هذا فارقاً كبيراً من ناحية الرسم .. و أعتقد أنه كان يريد تلقين يونيفرسال بيكتشرز درساً مفاده بأن حقوق النشر لا تعني شيئاً ما دام يستطيع خلق شخصيات مماثلة لأوسفيلد و تتفوق عليه ..  إذن ميكي ماوس نشأ كردة فعل من ديزني للمحافظة على حقوقه ليس أكثر وفق هذه الرواية

الرواية الثانية تقول بأن والت ديزني قد تبنى فأراً كحيوان أليف عندما كان لا يزال في Laugh – O – grams في كنساس ، و من هذا الفأر استوحى تصميم ميكي و سماه مورتيمر ماوس ، قبل أن يقوم Iwerks بتعديل التصميم ليصبح أكثر سهولة من أجل أفلام الكارتون ليس إلا .. الصورة المجاورة تظهر Iwerks يعمل على صورة لميكي ماوس .. وعندما ضاعت حقوق أوسفيلد تمت العودة إلى تلك الشخصية المركونة على الرف .
بإمكانك اختيار الرواية التي تروقك من بين هاتين الاثنتين ، لكن الحقيقة قد تكون مزيجاً منهما سويةً أيضاً ..و حسب بعض فناني استوديو ديزني ، فإن Iwerks هو من أعطى ميكي تصميمه الفني و خطوطه ، بينما أعطاه Disney الشخصية و الروح و الصوت أيضاً ..

الفيلم الأول لميكي ماوس كان يدعى بالطائرة المجنونة Plane Crazy ،في تلك الفترة كانت شخصية الكرتون المسيطرة في الأفلام الصامتة هو القط فيليكس Felix the cat. ( و تصميمه ليس بعيداً لهذا الحد عن تصاميم أوسفيلد و ميكي بصراحة ، يبدو أن شلة الرسامين في تلك الفترة كانوا يعرفون بعضهم جيداً و على قولة المثل : حارتنا ضيقة و منعرف بعض )

نجاح ميكي ماوس  بدأ مع قرار والت ديزني ظهور أول فيلم صوتي لميكي ماوس اسمه Steamboat Willie ، فإن أول من أخذ يؤدي صوته كان والت ديزني نفسه ! و استمر ذلك حتى العام 1947. و في العام 1930 كان ميكي ماوس قد انتزع الصدارة من فيلكس و الذي لم يعد باستطاعته منافسة ميكي ماوس وعندما تم اضافة الصوت إلى الكارتون بدا أن الأوان قد فات فعلاً.
الدرس الهام هنا هو عدم الاكتفاء عندما تكون في الصدارة ، التأخر في تبني التقنيات الحديثة و تطوير منتجك سيدفع بك نحو خسارة كل شيء عندما يظهر المنافس المتسلح بهذه المعرفة .. لا يجب نسيان هذا أبداً ..
السيمفونيات الهزلية Silly Symphonies
بالتزامن مع نجاح ميكي ماوس ، بدأ العمل على سلسلة أخرى تدعى السيمفونيات الهزلية التي تعبر أحداثها عن قصص موسيقية music novelty بين عامي 1929 وحتى 1939
على عكس ميكي ماوس ، لم تمتلك السلسلة أبطالاً ثابتين ، ظهر دونالد دك في هذه السلسلة لأول مرة عام 1934في حلقة the wise little hen و بالألوان منذ البداية كما ترون في هذه الصورة المأخوذة من حلقة ظهوره الأول، تطورت شعبية بطبوط بعد ذلك مستفيدةً من شخصيته العصبية و المشاغبة الشقية المتناسبة أكثر مع طابع أمريكا من ميكي المهذب و الساذج  ليصبح ثاني أهم ابتكار لوالت ديزني بعد ميكي ماوس ، و عني أنا شخصياً فأنا ( بموت ) بعالم مدينة البط و بطوط و العم دهب و أعتقد أنها أجمل بمراحل من عالم ميكي ماوس ..
و ظهر بلوتو بدون ميكي ماوس عام 1932 في حلقة Just Dogs .ولتستقل هذه الشخصيات بعدها في سلاسل خاصة
من حلقات السيمفونيات الهزلية الشهيرة تلك كانت حلقتها الأولى المسماة : رقصة الهياكل العظمية skeleton dance و لكن أشهرها على الإطلاق و أشهر كارتون لديزني على الإطلاق حتى وقتها كانت the three little pigs التي صدرت عام 1933 ، و استمر عرضها في المسارح عدة شهور ، و خصوصاً أن أغنيتها أصبحت نغمة على كل فم أثناء فترة الكساد الكبير التي ضرب أمريكا و اسم الأغنية : who’s afraid of the big bad wolf من ذا الذي يخاف من الذئب الضخم الشرير ؟

منافسون شرسون Anti-Disney !
كانت شعبية ميكي ماوس طاغية عام 1932 ، فإن منتجاً آخر يدعى ماكس فليتشر Max Fleischer بدأ يحصد نجاحاً مقلقاً بالنسبة لديزني و أصبح يتحول إلى منافسه الرئيسي .. حتى الأن البعض كان يلقبه بالأنتي ديزني ! anti-disney ، كان فليتشر هو من وراء أنيميشن الفتاة الشقية Betty Boop بين عامي 1932 و 1939 ، و كان أيضاً خلف ظهور باباي البحار الشجاع و آكل السبانخ الظريف ساحق الشعبية .. حتى أن استطلاعات الرأي أخذت تظهر زيادة شعبية باباي على ميكي نفسه ، و لكن والت ديزني استطاع و بكل اقتدار اعادة ميكي للصدارة عبر القيام بخطوتين هامتين : الأولى نقل ميكي ماوس إلى عالم الألوان ، و احتكاره عملياً تقنية تلوين متطورة ثلاثية تسمى ب technicolor ، و الثانية هي قيامه بتعديل تصميم ميكي ماوس لجعله أكثر جمالاً و جاذبية من تصميمه البدائي ، و كانت هذه خطوات جريئة و تم عن شخص يعرف تماماً ما الذي يفعله و ليس مجرد مدير أخرق لشركة يحاول فقط قيادة السفينة في المياه الضحلة و اجتناب العواصف .

لم يقف الأمر

الثلاثاء، 27 يناير 2015

سالومي Salome

قيل

نص ورسم الأمريكي
بي كرايغ راسيل
.